مقترح علمي لدراسة الفقه الشرعي
بناء هذا المقترح المجرب فعاليته ونتائجه الباهرة مبني على قاعدتين اثنتين على التوالي وهما قاعدة التأصيل الأثري ثم قاعدة التحصيل المذهبي وإليك البيان مختصرا .
📌أولا التأصيل بفقه الأثر :
والمراد بهذا النوع من الفقه هو بناء المسائل الفقهية في مختلف الأبواب المشهورة على نحو محدود تحكمه ظواهر الأدلة وصراحة الاستدلال .
وتختلف هذه المحدودية باختلاف طبقات طلاب العلم ولنجعلها على طبقتين :
📍الطبقة الأولى للمبتدئين :
وهي مرحلة لا يتطرق فيها إلى ذكر الخلاف إطلاقا بل يكتفى بالراجح الذي يدل عليه ظاهر الدليل ولا حرج من إتباعه ببعض من أخذ به من مشاهير العلماء لا سيما إذا كان ذلك الجمهور كي يعتاد طالب العلم المبتدئ في هذه المرحلة على لغة الفقه وعرض الفقهاء وليكن اعتماد المعلم في هذه المرحلة على كتاب حديثي يجمع بين دفتيه "الاحتواء" لأكبر قدر ممكن من مادة الفقه "السهولة" لحفظ الآثار كقاعدة لما سيأتي مستقبلا في التحصيل ولابد "الصغر" لأن نفس المبتدئ أسرع إلى السآمة والانقطاع من غيره.
📍الطبقة الثانية للمتقدمين:
وهي مرحلة يتطرق فيها إلى ذكر الراجح الذي يدل عليه ذلك الأثر مع أشهر معارض بدليله ويكون عرض مادة الخلاف مجردا من تفاصيل المسائل الخفية التي يحتاج إلى الترجيح فيها نوع من الأدوات العلمية التي لا تتناسب مع الطرح البسيط التي يقصد به صاحب فقه الأثر في الجملة فلكل مقام مقاله ، بل يعتمد المعلم على تلك الأدوات الظاهرة دلالتها على المقصود كقياس الأولى والبرائة الأصلية ونحو ذلك مما لا يشتت صاحب هذه الطبقة عن مقصود القاعدة ككل والذي هو حفظ الآثار ومعرفة فقهها على نحو محدود يناسب المقام.
وليكن الكتاب المأخوذ في هذه المرحلة "أوسع" استيعابا لمادة الفقه من الذي قبله و"أكثر" ثراء من ناحية الآثار لتزداد مادة الأدلة المحفوظة والتي تعتبر كالأساس لمرتبة وقاعدة التحصيل الآتية .
📍توصيف عام مختصر لقاعدة التأصيل بفقه الآثار وعلاقتها بقاعدة التحصيل بفقه المذاهب :
اعلم وفقنا الله وإياك أن فقه الآثار والسنن أصل أصيل في مادة الفقه في الجملة بل هو عموده الذي عليه يرتكز وبه نشأ ومنه ينهمر فينهل منه المبتدئ الناشئ ولا يستغني عنه المجتهد المتقدم ولكن لما صارت مادة الفقه بأبوابها المتنوعة ومسائلها المتشعبة مع مرور الأيام الضاربة واختلاف الحوادث الطارئة مادة غير متناهية في الجملة صار ذلك النوع الأصيل كالقاعدة التي يرجع إليها بنيان كبير عمرته نوائب الأحداث بسواعد أعلام المستنبطين مبرهنين بذلك لكل منصف على شمولية الشريعة القرآنية وبراعة الأحكام النبوية فصار ذلك البنيان بأصوله على حد سواء دليل وبرهان على كمال شريعة الإسلام .
📍مميزات القاعدة بطبقتيها :
١/ سهولة تناول المادة لظهور أدواتها من جهة المعلم والمتعلم.
٢/ سهولة تناول المادة من جهة طرح المادة لأنها قليلة محدودة.
٣/ سهولة تناول المادة من جهة استدراك أفرادها وربط أنواعها لأنها محفوظة.
وغير ذلك مما يجعلها مناسبة لمقام التأصيل فتأمل!.
📍عيوب القاعدة :
ليعلم أن عيوب القاعدة ليس راجعا إلى ذات المادة "معاذ الله" بل هو راجع إلى ملقي المادة أو متلقيها ومن ذلك :
١/ اقتصار بعض المعلمين والمتعلمين على ذلك النوع من الفقه دون مواصلة طريق التأصيل حتى التحصيل يجعل الطالب يعيش في حالة من أحادية النظر والبعد عن واقع الفقه العملي في الغالب مما يصعب عليه العمل بذلك الفقه في مجتمعه ناهيك عن تبليغ هذه المادة لغيره .
٢/ الاعتماد على هذا النوع من الفقه دون التطرق إلى مذاهب العلماء والنظر في أفهامهم يجعل المتعلم في حالة من الجمود العلمي والعملي بدعوى التمسك بظواهر النصوص رغم أن جل أقول الفقهاء المختلفة ناتجة عن ذات التمسك إلا أن بعضهم يتمسك بلفظ دون لفظ وآخر بمعنى دون معنى وكل ذلك مداره على الظواهر كذلك إذ أن الظواهر قوالب لمعاني تارة تختلف وتارة تتفق، وكلهم متمسك بنوع مادة الآثار ولكنهم بين مستقل ومستكثر ومستحضر ومستدرك ومستكفي و مستقرئ و مصحح و مضعف !.
ولذا فإن الجمود على ظواهر الألفاظ مجردة من المعاني التي تحوم عليها أفهام العلماء الربانيين ومذاهبهم بدعوى التمسك بالأدلة والحق الذي يدل عليه ظاهر اللفظ ولو كنت وحدك ! يخلق جيلا يعيش حالة هي أقرب إلى الوهم العلمي و السراب الذهني المجرد ناهيك عن كثرة الإغراب الناتج بسبب ملازمة التفرد عن سبيل العلماء الراسخين المنافي في هيئته لمعنى السلفية بل هو دليل على الجهل بمنازل علماء الأمة وأحوالهم فتأمل!
📍تنبيه مهم :
ولذا فإنه من الأهمية بمكان أن ترسم خطة إستباقية لتلافي هذه السلبيات المحتملة ومن ذلك تلقين الطلاب أثناء التأصيل معاني آداب الطلب وأهمية التدرج حتى البلوغ والصبر على التأصيل حتى التحصيل وخطر التصدر قبل التأهل ونحو ذلك .
والله المستعان.
📌ثانيا قاعدة التحصيل بفقه المذاهب :
يتبع....